[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ------------------------------------------------------------------------
فقد بصره في السنوات الأولى من طفولته، (بالصف الثاني)، حلت الظلمة مكان
النور، واستحال على طفل بعمره التكيف مع حالته الجديدة، فعزل نفسه وانقطع
عن التواصل مع الآخرين لمدة أحد عشر عاماً، ثم فجأة قرر العودة الى العالم
الذي اعتزله،
وخلال ثلاث سنوات فقط حصل على شهادة الابتدائية
والشهادتين الإعدادية والثانوية ليدخل فرع علم الاجتماع في جامعة تشرين
وليحصل على أعلى المعدلات متفوقا على زملائه.
يعيش في حي الرميلة
بجبلة، في بيت بسيط ومتواضع، محتوياته تدل على ضعف الإمكانيات، فالأب تجاوز
عمره الخمسين ومازال يعمل في ورشة بناء يرفع البيتون على كتفه همه الأول
تأمين قوت يوم أفراد أسرته.
في الثالثة من عمره فقد زكريا النور
من عينه اليسرى نتيجة إصابته بالمياه السوداء، وبعد سنوات وفي الصف الثاني
الابتدائي تعرض لصدمة قوية على عينه اليمنى من أحد زملائه بينما كانا
يلعبان في باحة المدرسة، بدأ على إثرها نظره يضعف ويخف تدريجياً، فعل الأهل
أقصى ما يستطيعون لمعالجة ولدهم.
وكانت النتيجة أن ودع مقاعد
الدراسة بمرحلة مبكرة من طفولته ما ترك في قلبه حرقة وغصة، ويصاب بعدها
بحالة من الإحباط والتشاؤم نتيجة الظلام واللون الأسود الذي حل بكل تفاصيل
حياته ليدخل بعدها في حالة من العزلة القاتلة استمرت ما يقارب 11 سنة".
في عام 2005 كان قد بلغ الثامنة عشر من عمري حينها خرج من شرنقة العزلة
وبدأ رحلة التقصي والبحث والمراسلات لمتابعة الدراسة تواصل مع جمعية
المكفوفين في اللاذقية وكانت النتيجة بأنه يتوجب عليه الحصول أولاً على
شهادة محو الأمية واعتبار السادس الابتدائي كبديل.
بدأ في عام
2006 مرحلة التحضير للصف السادس الابتدائي بمساعدة الأهل والمقربين فقط دون
أن يتبع أي دورات أو دروس خصوصية، واستمرت مرحلة التحضير ما يقارب أربعة
أشهر، ثم تقدم إلى الامتحان بحضور مندوبة من وزارة التربية".
نجح في الامتحان وحصل على (معدل 82%) فكان نجاح الخطوة الأولى بمثابة الشمعة التي أنارت بداية الطريق لتحقيق الحلم".
ثم بدأ لتحضير للشهادة الإعدادية، بدأ منذ الأيام الأولى لبداية العام
الدراسي 2006-2007 بالمتابعة والتحضير بنهم وقراءة المنهاج في المنزل وبدون
معلم وبمساعدة الأصدقاء والمقربين لأن الحالة المادية لا تسمح أيضاً بأي
تكاليف إضافية للدورات الخاصة".
تقدم زكريا للامتحان من خلال لجنة من التربية حيث كانت تتلى عليه الأسئلة ويقوم أحد أفراد اللجنة بتدوين دقيق لما يقوله حصراً.
وعندما تكللت جهوده بالنجاح وحصل على 257 علامة، كانت فرحته لا توصف
وكان ذلك بمثابة جواز السفر للمرحلة القادمة، اشترى له احد الأصدقاء نسخة
من الكتب للشهادة الثانوية للفرع الأدبي وراح البعض يقرأ له المواد ويقوم
بتسجيلها على أشرطة كاسيت.
في هذه المرحلة تحول إلى أستاذ وطالب كان يشرح لنفسه ما يسمعه من التسجيل، وتحول شريط الكاسيت إلى مرافقه الخاص بدلاً من الكتاب.
بعد اجتيازه للامتحان عام 2007- 2008 وحصوله على علامة 190 علامة،
دخل إلى المفاضلة الجامعية كغيره من الطلاب، كانت رغبته الصحافة أو العلوم
السياسية لكن إعاقته كانت له بالمرصاد فنصحه البعض باللغة العربية كأغلب
المكفوفين، لكنه رفض وأراد أن يكون مختلفاً، فوقع اختياره على علم
الاجتماع".
وتحدث عن إعجابه به لاحقاً لكونه يدرس ويحلل ظواهر
المجتمع وأمراضه، كما ساعدته مواد علم النفس في حياته العملية، حيث علمته
كيف يتقبل ويتفهم إعاقته وكيف يتجاوزها.
استطاع من خلال إرادته
الصلبة وتصميمه أن يتفوق على زملائه في الجامعة، ويحصل على أعلى معدل 82.35
في السنة الأولى، وكذلك تابع مسيرة التفوق في الفصل الأول من السنة
الثانية وحالياً يحضر لامتحانات الفصل الثاني.
بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية يحلم بإكمال الدراسات العليا ولتحقيق ذلك سيضطر للذهاب إلى جامعة دمشق أو إلى جامعة حلب
وقد تشكل إعاقته عائقاً أمام ذلك، لكنه يعتقد كما تخطى المشاكل والصعاب
سابقاً سيتخطاها لاحقاً. كما ويحاول حالياً أن يتعلم العزف على العود بدون
معلم.